خلال العقود القليلة الماضية ظهر توجّه عصريّ جديد من أجل التعويض عن الأسنان المفقودة ألا وهو زراعة الأسنان، وقد حققت هذه الاستراتيجية الجديدة في المعالجة نجاحًا باهرًا وقدّمت حلًّا رائعًا للتعويض عن الأسنان المفقودة من خلال أنواع التركيبات المختلفة التي يمكن استخدامها فوق هذه الزرعات.
ما هي أنواع التركيبات فوق الزرعات وكيف تختار بالمشاركة مع طبيبك الخاص النوع الأفضل بالنسبة لك؟ في هذا المقال سوف نوضّح جميع التفاصيل التي تحتاج إليها لاتّخاذ هذا القرار المهم.
التركيبات والزرعات السنيّة
عندما يتعلّق الأمر بمفهوم زراعة الأسنان فإن الكثيرين يتصوّرن سنًّا كاملًا يوضع في العظم، بشكل مشابه للسن الطبيعي وبآلية معيّنة… حسنًا الأمر مختلف بعض الشيء، والمبدأ الأساسي في زراعة الأسنان هو وضع برغي تثبيت مصنوع من مادة التيتانيوم بتصميم هندسي معيّن ضمن العظم ويتم إغلاق النسج فوقه والانتظار حتى يلتئم العظم حول الزرعة.
لكن السؤال هنا ماذا بعد؟ ما هي الفائدة من وجود برغي ضمن العظم؟ لن يتمكن أحد من تناول الطعام عليه هذا مؤكد. الفائدة من البرغي أو الزرعة السنية ضمن العظم هي تأمين الدعم للتركيبة أو الجسر الذي سوف يضعه الطبيب لاحقًا للتعويض عن مكان الفقد واستعادة إما المظهر الجمالي أو الوظيفة المضغية للمريض.
لذا يمكننا القول باختصار أن زراعة الأسنان تنقسم إلى مرحلتين، الأولى هي وضع الزرعة (البرغي) المعدنية ضمن العظم والثاني هي الكشف عن هذا البرغي ووضع تركيب فوقه.
أنواع التركيبات فوق الزرعات
اك خمس أنواع أساسية من التركيبات التي يمكن استخدامها للتعويض عن فقد الأسنان بعد وضع الزرعات في العظم. بالطبع فإن لكل طريقة شروط خاصّة لكي تثمر نتيجة مرضية ومستمرة لسنين طويلة.
أنواع التركيبات فوق الزرعات
النوع الأول: التعويض الثابت التاجي الطبيعي FP-1
وهو التركيبة (التلبيسة) المفردة التي تكون أبعادها مشابهة لأبعاد السن الطبيعي تمامًا، وتستخدم عادة في حالة كان هناك زرعة أو عدة زرعات منفصلة، حيث يقوم الطبيب بإجراء تركيبة مفردة لكل زرعة دون وصلها مع بعض، كما في الصورة التالية.
عادة ما تكون عملية الزرع هنا تالية لقلع سن متهدم حيث تكون كمية العظم الممتصة قليلة جدًا، وهذا يتيح إنجاز تركيبة مشابهة إلى حدّ كبير للأسنان الطبيعية.
النوع الثاني: التعويض الثابت التاجي الطويل FP-2
يُستخدم هذا النوع من التركيبات فوق الزرعات في حال كان هناك فقد حديث للأسنان مع وجود امتصاص قليل نسبيًّا للعظم. في هذه الحال يلجأ الطبيب إلى إنجاز تركيبات (تلبيسات أو جسور) تكون طويلة قليلًا لتعويض التراجع بالعظم واستعادة الناحية الجمالية، كما هو موضح في الصورة.
النوع الثالث: التعويض الثابت التاجي اللثوي (التعويض المركب) FP-3
عند وجود قلع أو فقد قديم للأسنان سيكون هناك امتصاص وتراجع كبير للعظم واللثة وهذا يستدعي تعويض هذا الفقد من قبل التركيبات فوق الزرعات، والحل الأمثل الذي قد يلجأ إليه الطبيب في هذه الحال هو إجراء تركيبة (عادة جسر) يتضمّن جزء وردي اللون يحاكي شكل ومظهر ولون اللثة للمريض، وذلك بهدف استعادة المظهر الطبيعي للابتسامة، كما في الصورة التالية.
الجدير بالذكر أن الأنواع الثلاث السابقة تصنف تحت التركيبات أو التعويضات الثابتة؛ بمعنى أنه لا يمكن نزع التركيب وإعادتها إلا من قبل الطبيب، بخلاف النوعين التاليين واللذين يُعدّان من التركيبات المتحركة، حيث يمكن للمريض نزعها بسهولة وتنظيف المنطقة.
النوع الرابع: التعويض المتحرك الفوقي المركب RP-4
تستخدم التركيبات المتحركة فوق الزرعات في حالتين، الأولى عندما تكون كمية العظم الممتصة كبيرة؛ بالتالي المسابقة الإطباقية كبيرة والجهود على الزرعات ستكون في أوجها، والثانية في حال لم يكن بالإمكان وضع عدد كافٍ من الزرعات في العظم بسبب الامتصاص والتراجع الكبير.
في كلتا الحالتين يجب توظيف النسخ الرخوة (اللثة) من أجل دعم التركيبة بالتشارك مع الزرعات وذلك بهدف تخفيف الجهود عليها.
في نوع التركيب المتحرك RP-4 يكون هناك عدد زرعات على الأقل 3 مرتبطة مع بعضها بواسطة قضيب معدني، حيث يتم تصميم التركيب المتحركة (البدلة) بحيث ترتبط مع هذا القضيب بشكل وثيق، مع إمكانية إزالتها بواسطة المريض متى أراد.
النوع الخامس: التعويض الفوق البسيط RP-5
التركيب المتحرك من الصنف RP-5 يتميز بأنه لا يتطلب عدد كبير من الزرعات (بالتالي التكاليف تكون قليلة نسبيًّا)، قد يتطلب الأمر زرعتين في الفك السفلي و4 زرعات فقط في الفك العلوي للتعويض عن كامل الأسنان. وسلبيته الأساسية بأنه لا يمنع امتصاص وتراجع العظم في المناطق الفارغة، وهذا يتطلب إجراء تعديلات عليه كل سنة تقريبًا من قبل الطبيب.
الصورة التالية توضح الفرق بين تركيبات RP-4 وتركيبات RP-5.
كيف يختار الطبيب التركيب فوق الزرعات المناسب
هناك العديد من المعايير الصارمة التي يعتمدها الطبيب أثناء اتّخاذ قرار تبنّي نوع معين من التركيب فوق الزرعات دون غيرها، يمكننا تلخيص هذه المعايير في النقاط التالية:
- كمية العظم المتوفر وطبيعته، حيث يتم تحليل العظم من قبل الفريق المختص وتحديد مدى قدرة تحمّله، وبناءً على ذلك يتم اختيار نوع التعويض، فيما إذا كان تعويض ثابت FP (جسر أو تركيب) أو متحرك RP (جهاز فوقي).
- عدد الأسنان المفقودة، عند وجود فقد كامل للأسنان قد يلجأ الطبيب إلى اختيار جهاز متحرك، أما في حال هناك فقد محدود فإن الخيار الأمثل هو تركيب ثابت.
- إطباق الأسنان، عند فقدان الأسنان فإن الجسم يبدأ بامتصاص العظم بشكل طبيعي، هذا الأمر يعني زيادة المسافة الإطباقية (وهي المسافة من قمة العظم إلى المستوى الإطباقي للأسنان)، بمعنى آخر ستزداد الجهود على الزرعات والتركيب فوقها لذا قد يلجأ الطبيب إلى اختيار جهاز فوق RP من أجل امتصاص جزء من هذه الجهود عبر النسج الرخوة (اللثة).
- العادات الوظيفية السلبية، مثل الكز على الأسنان (ما يُعرف بالصرير)، ففي حال وجودها فإن الطبيب قد يختار التعويض المتحرك عوضًا عن الثابت لأنه يساهم بامتصاص الضغط السلبية لعملية الكز وتخفيفها على الزرعات.
على الرغم من أن لكل نوع من التركيبات فوق الزرعات ميزاته وسلبيّاته إلا أن انتقاء الخيار الأفضل والأمثل لحالتك سيكون من قبل الفريق الطبي المختص، ولكن مع هذه المعلومات والتفاصيل العامة بإمكانك معرفة الأسباب والدواعي لكل نوع من أنواع التركيبات التي سيختارها الطبيب لك.
المصادر:
- https://dentalimplants-usa.com/dental-implants/dental-implant-prosthesis-options/
- https://ortizvigon.com/types-of-implant-based-prosthetics/?lang=en
- https://empiredental.ca/blog/3-dental-prosthetics-supported-by-dental-implants/
- https://locustfamilydentistry.com/implant-supported-prosthesis-types-benefits/
